بسم الله الرحمن الرحيم
** ميسي.. لا يسجل! **
في تجمع كروي كالمونديال العالمي, من الطبيعي أن تكون هناك آراء مختلفة.. مميزة أحيانا, شاطحة في أحايين أخرى.. "ما تنبلع" في بعض المرات!!
لكن أن تخرج الآراء عن نطاق المعقول؛ لتدخل نفق التضليل أو بعبارة أدق "اللا فهم الكروي" فعندها يجب أن تكون الآراء المتزنة أكثر حضورا.
أسوق هذه المقدمة وأنا أسمع بين الفينة والأخرى من يردد بأن أمهر لاعب عالمي, ليونيل ميسي, لم يسجل هدفا في المونديال حتى الآن!
فإن كان مرددها يقصد الإنتقاص والتقليل من ميسي, فلا أخاله إلا حاقدا على كرة القدم ذاتها, وعلى متعتها؛ لأن كرة القدم يمكن أن تلخص تعريف متعتها وجمالها في لاعب واحد, ليونيل ميسي.
أما إن كان مرددها يقولها على سبيل الإثارة؛ "فبشوية" تفكير يا حضرات وبقليل من المتابعة, ستجدون أن ميسي يقدم الأطباق الشهية للآخرين, ويهدي للمسجلين أهدافا تعتبر في كثير من الأحيان.. أجمل من الأهداف.
إن كانت المثلبة الأولى للمهاجمين هي عدم تسجيل الأهداف؛ فالمثلبة الأولى لكرة القدم, الآن, هو ألا يلمس ليونيل كرة القدم.
وإن كانت الأهداف تزيد من قيمة لاعبي كرة القدم, فهي عند ميسي بالذات, أمرا ليس ذا أهمية بالقدر الذي يجعل من ميسي لاعبا يبحث بجنون عن هدف يحافظ به على وضعه في المونديال, فأفضل لاعب في المونديال, من وجهة نظري, هو ميسي, أما الأهداف.. فما يقدمه ميسي من جنون كروي تحضر معه "هدايا" الأهداف, يجعلني أقول بكل سهولة, الأهم أن تلعب يا ليونيل.
** ألمانيا.. "كاريزما" خاصة! **
عندما نذكر كرة القدم, وتاريخها من توالي السنين؛ فلن نجد أعظم في التاريخ من ثلاث منتخبات.. البرازيل, إيطاليا, ألمانيا.
تشعر عندما تلعب تلك المنتخبات, أن تاريخا وشموخا كرويا يلعب. الألمان بالتحديد يحضرون في كل المناسبات, إما متوجين بالكأس أو خارجين في آخر مطاف.
الألمان, الكرويون, مختلفون. يلعبون بشموخ كرة القدم. يحضرون بعدتهم وعتادهم ولا ينسون قط تاريخا كرويا يحكي أساطير سابقة, تحطم أرقامها القياسية أساطير لاحقة, في تتابع لا يحصل إلا في الديار المتحدة.
تلك الأرض, أرض الفلاسفة والمفكرين, كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم, التي تضم شعبا هو الأكثر في أوروبا, على أغلب ظني, وربما أيضا الأكثر غرورا ونرجسية على مستوى العالم, ولعل الإنجليز ينافسونهم بقوة على ذاك الغرور, ذلك الشعب الذي يضم مهاجرين كثر, يتحدون لأجل كرة القدم, يلعبون بشكل مختلف تختلط فيه رائحة ألمان "التاريخ" مع لمسات الحاضر بقيادة "لوف" الذي أكمل ما بناه الرائع "كلينسمان".
ما قدمته ألمانيا في أربع مباريات من المونديال هو أمر مذهل, حقا. رباعية رائعة, تبعتها خسارة بمباركة الإسباني الذي لا أعتقد أنه يفهم في التحيكم, عدا أنها صافرة وساعة, ثم فوز جميل, ثم آخر تاريخي يسجل بمداد الإنجاز الذي امتلأت به رفوف الألمان.
ما أجمل كرة القدم, عندما تكون بين أقدام المذهل "أوزيل", إلى الصاروخ "شفاينتايجر " ثم إلى محطم الأرقام القياسية وصاحب الماركة الخاصة في تسجيل الأهداف الصعبة "كلوزه" ثم إلى صاحب اليسارية التي لا ترحم "بودولسكي", وسط حماس وفكر شاب بتواجد "ميلر".
كم هي رائعة كرة القدم, عندما يجتمعون. وكم هي رائعة عندما تكون بين قدمي أوزيل, الهادىء المذهل, المفكر الرزين, الهدوء بخبث كروي محمود, المتعة هي السر, أوزيل يلعب لأجل أن يستمتع ويمتع, وهذا هو السر, سر مكشوف, لكن لا أحد غير أوزيل يعرف تفاصيله الكامنة في وسط "جابولاني", لعل الأخيرة أهدت أوزيل سرها. لا تلام, فلمثل أوزيل تحلو الأسرار!
** موندياليات **
أغبى تعصب عرفته كرة القدم, تعصب القارات!, وهذا ما مارسه, بحذافيره, المتراجعان عصام ورؤوف. إن كان الدافع التعصب "للقارة" بذاتها فهي أم المصائب, وإن كان خوفا من المقاعد, فالأمر قد يهون, لكنه لا يزول.
منتخب وحيد يتأهل عن المجموعات من أصل ستة منتخبات أفريقية, ومنتخبان من آسيا يتأهلان عن المجموعات من أصل أربعة, أرقام لا تكذب, نهديها لعصام ورؤوف لعلهم يصمتون عن لكنتهم البائسة.
@ الجزيرة الرياضية تبذل جهودا مضنية لإنجاح تغطيتها المميزة, وهي كذلك, لكن جزئيات صغيرة قد تفسد على المشاهد متعته, التقطيع وعصام ورؤوف ربما من تلك الجزئيات. يجب ألا يغفلوا فالمشاهد لا تعنيه قط تصفية الحسابات.
إيطاليا, المفقود الأكبر في المونديال. تفقد هيبتها, لتتأكد أنها خسارة.
الحكام في المونديال, طامة كبرى, وأخطاء عظمى. حكام تشعر أنهم لم يسبق أن حملوا صافرة أو رفعوا راية ويتواجدون في المونديال!. بعض الأخطاء يمكن غض الطرف عنها, لكن أخطاء كبيرة كهدف الإنجليز على الألمان هو فضيحة, عن حق وحقيقة. المسؤول هو الفيفا, على الأقل حكام خلف المرمين, على الأقل.
الفيفا خضع لسلطة الدولار وصار آخر اهتمامه المحب لكرة القدم. حقيقة نطق بها سلطان المهوس, ربما كان دافع سلطان صداقته بابن همام, لكنها حقيقة.
أما الأغرب في هذا النطاق, هو غياب حكمين من أفضل حكام المونديال في الدور الثاني, بوساكا وخليل جلال؛ فالأول حكم يعده الكثيرون الأفضل على مستوى العالم, أو من أفضل ثلاثة حكام, والثاني قدم نفسه بصورة رائعة جدا في مباراتين, يساعده في هذا تواجد حكم مساعد إيراني هو الأفضل في العالم, والدليل هدفي المكسيك وتشيلي.
لعل بلاتر أراد إرضاء أبناء جلدته على حساب طموح حكم ليس ذنبه أن في المنتخب السويسري لاعب يعتقد أن كرة القدم حلبة ملاكمة!
لم يكن جيدا أن يشطح محلل الجزيرة التحكيمي جمال الشريف ويستغل منبرا إعلاميا كبيرا كالجزيرة الرياضية ويمارس أحقاده على خليل, ربما دافعه خليل, أو انتماء خليل, المهم أنه ظن أنه الوحيد الذي يفهم في قانون كرة القدم للتقليل من خليل. الجميل أنه صار مهزلة للمحلليين الفنيين في أستوديو الأنيق محمد الكواري, أما المضحك حقا, فهو أن ركلة جزاء المكسيك ليست صحيحة, رفقا بنفسك يا جمال.
"فوفوزيلا" أفسدت متعة كثير من المباريات. تبرير الفيفا ضعيف, ضعيف للغاية. على هذا, ضعوا كأس العالم في وسط ديار الهنود الحمر, واجعلوهم يتراقصون على لحوم البشر, فهذه عاداتهم وتقالديهم, ولا يمكن تغييرها!
في كلا الحالتين, اللوم على الفيفا, فلماذا تضعون كأس العالم في أفريقيا؟ ثم لماذا لا تسنون القوانين التي تحفظ للمشاهد متعته. سلطة الدولار قوية.
اليابان, التطور السريع على كافة المجالات. نعمل من أجل اليابان. ذاك شعارهم والكاتب الكبير محمد العبدي تناول هذا الموضوع بالتحديد بشكل رائع. في اليابان لا يتحدثون كثيرا, لا يبررون كثيرا, فكل ما يفعلونه هو العمل. أظن ليس لديهم الوقت للاتصال على القنوات الفضائية وحجب الآراء. أظن ذلك.
كوريا الجنوبية قدمت نفسها بصورة رائعة جدا. وننسى بصمة المحترف الهلالي كانت حاضرة من الظهير الأيسر صاحب التمريرات البينية التي قلما تخطىء. الأرقام أنصفته وأنصفت منتخب كوريا. ولا يضيرني كمحب للتقدم الكوري أن يتحول عصام إلى نيجيري أكثر من النجيريين أنفسهم.
كأس العالم 2010 قد لا يكون أفشل مونديال في التاريخ, لكنه بالتأكيد أفشل آخر أربعة مونديالات, على الأقل. ربما أن مونديال 2006 جعل العالم يطمحون بشيء قريب مما قدمه الألمانيون. أتعبتم من بعدكم يا قلب أوروبا.
هيرنانديز, المسكيكي المذهل. انتظروه في البريمر ليغ مع المان. تعرف قيمة المونديال حينما ترى مثل هذه النوعية من اللاعبين. الحماس والمهارات والتركيز, والمتعة. بجانبه في المكسيك لاعبون شباب متحمسون, خذلهم اصطدامهم بكبار الأرجنتين, التحكيم خذلهم مرة أخرى.. لكن مهما كان الأرجنتينون صعاب.
مارادونا يقود الأرجنتين بالروح, بتخمة النجوم. لا علاقة له بالأمور التكتيكية البحتة. وجهة نظر.
هولندا, مع كامل الاحترام لوفرة النجوم, إلا أنها لم تواجه منعطفا صعبا أو اختبارا يحدد ما هية المنتخب, مع البرازيل ستتضح مدى قوة الطاحونة, رغم أنني أراها برازيلية, بل أرى البرازيل تلعب على نهائي كأس العالم, مع وافر الاحترام.
نهائي تجتمع فيه ذكريات التاريخ. نجوم وأساطير. حاضر يتجدد بكرة قد تتغير, لكن تظل القوى تتحرك فيما بينها بالتناوب. لتتأكدوا من ذلك فقد أقيمت كأس العالم 18 مرة, قبل هذه النسخة, والأبطال الثلاثة, البرازيل وإيطاليا وألمانيا استحوذوا, لوحدهم, على 12 كأس عالم, والثالثة عشرة في الطريق.
الأرجنتينيون يقدمون كرة رائعة. يريدون أن يفرحوا الأنصار في بوينس آيرس وسان لوريس والبقية. يتنفسون هواء يأتي من وراء جبال الإنديز, يطمحون برياح عكسية تهب باتجاه الغرب من جنوب أفريقيا. أهالي فوكلاند ربما احتفلوا بالرباعية على الإنجليز, ينتظرون فرحا يعيد للأذهان أعجوبة مارادونا, وتغيير خارطة التاريخ.
مع الاحترام لجميع محللي الجزيرة, يظل نبيل معلول هو الأجمل, ومع الاحترام أيضا للمعلقين, يظل "العليان" علي الكعبي وعلي محمد علي هما الأفضل, في الوقت الذي أتمنى أن يعيد لنا رؤوف وعصام وهجهما المعتاد ويتفرغا لكرة القدم. حفيظ دراجي جيد ولا بأس به لكنه أحيانا يندفع.
أعتقد أن الإنجليز جنوا حصاد غرورهم فخرجوا من الباب الصغير, الإنجليز يملكون الأسماء والمدرب والقدرة, لكنهم يفتقدون للثقة, وإعلامهم يفتقد لاحترام المنافس, مما جعل أخضر الجزائر يجني منهم نقطة جعلتهم يحتفلون رغم خروجهم المبكر.
مشاركة الجزائر كانت سيئة, جدا, تضاف للمشاركات العربية السيئة, سواء السعودية أو تونس أو مشاركات العرب في أغلب المونيديالات.
بنصري وبن زيمة وبن عرفة, هما سبب الكارثة المشتعلة في باريس. لا أجد سببا لأحزان الفرنسيين, فهم من اختاروا لأنفسهم طريق العنصرية, وتحيا الحرية.