تمكنت المرأة المصرية وبنجاح منقطع النظير في أن تسطر اسمها في قوائم المتميزات وأن تحتل صدارة من نوع خاص.
وتمكنت المصريات من إزاحة الأمريكيات وتفوقن عليهن واكتسحن البريطانيات وهزمهن بجدارة وأثبتن أنهن أفضل من الهنديات وتمكن بعد 7 سنوات من أن ترتقين من المركز الخامس إلى الأول في قائمة أكثر النساء في العالم ضربًا لأزواجهن.
نعم ليست مزحة أو نكتة، بل حقيقة كشفتها آخر الدراسات والأبحاث العلمية، والتي تؤكد أن سيدات مصر أصبحن أصحاب الرقم الأعلى في الضرب للأزواج متفوقات على كل سيدات العالم بمن فيهن الأمريكيات اللاتي جئن في المرتبة الثانية بنسبة تبلغ 23% والبريطانيات اللاتي جئن في المرتبة الثالثة بنسبة تبلغ 17% ثم الهنديات المسكينات في المرتبة الرابعة بنسبة 11% فقط، بينما المصريات جئن في المرتبة الأولى منذ عام 2003 بنسبة 23% وارتفعت بعد ذلك عاماً بعد الآخر لتبلغ 28% في نهاية عام 2006.
تحولت أسطورة "سي السيد" إلى ماضي انتهي زمنه أما "أمينة" فقد ولى زمانها وراح بعد أن خلعت عن نفسها رداء المسكنة و"الغلب" وتعاطت حبوب الشجاعة وأعلنت العصيان والتمرد على الرجل، بل وأرغمته بمساعدة "قوانين الأحوال الشخصية" علي التراجع والتنازل عن سلطاته وهيمنته وشيئًا فشيئًا سحبت البساط من تحت أقدامه لتصبح الأجرأ والأكثر فاعلية وتمكنًا، وفي النهاية اكتفى "سي السيد" أن ينطبق عليه المثل "ضل راجل ولا ضل حيطة" وأن تصبح مزاياه كما تقول حواء "في الليل غفير وبالنهار أجير".
وقد تعددت طرق ضرب الأزواج المساكين أو التخلص منهم من السكاكين إلى السم والأسلحة النارية وأخفها المقشة وتصل - عفوًا - إلى "الشبشب "، ولم يعد غريبًا أن يهرول الرجل إلى أقسام الشرطة طالبًا النجدة والحماية من زوجته المفترية بل وصلت أحيانًا إلى أن يقوم جزار - وأكررها - مرة اخري جزار أي أنه من المفترض أن يكون مثل مهنته قاسيًا شجاعا يتعامل بلغة الدم والساطور، إلا أنه قام بشكوى زوجته طالبًا من الشرطة أن يجبرها علي التوقيع على محضر عدم التعرض له، بعد أن دأبت على الإعتداء عليه وتوبيخه وضربه أكثر من مرة.
ولو عاد "نجيب محفوظ" - رحمه الله - إلى الحياة من جديد لأعاد كتابة "الثلاثية" بأسلوب مغاير لما كتبه ولتبرأ من "سي السيد" إلى الأبد.
الخبير النفسي الدكتور محمد المهدي كشف في دراسة له عن عنف الزوجات تجاه أزواجهن عن حقائق مؤلمة تنذر بتحول "سى السيد" إلى "سى سوسو" مضيفًا أن المرأة في الطبقات الإجتماعية الأعلى استفادت أكثر من جهود تحرير المرأة وتمكينها فعلى صوتها "وسوطها" أكثر من المرأة في الأحياء الشعبية، والتي لم تصلها تلك الجهود، وما زالت تنظر لزوجها باحترام أكثر ولا تهفو إلى منافسته أو مزاحمته أو القفز على مكانته، وقد يكون فرقًا إحصائيًا فقط حيث أن الطبقات الاجتماعية الأعلى يسهل تسجيل حالات الاعتداء فيها أكثر حيث الصراحة أكثر والشجاعة في الاعتراف بما حدث تكون أكثر احتمالاً.
ويعزو الدكتور محمد المهدي الاسباب التي أدت الي ظاهرة العنف الأنثوي إلى حالة الانتقال من مرحلة تحرير المرأة (التي كان يحلم بها قاسم بك أمين) إلى مرحلة تمكين المرأة (التي يعمل من أجلها رموز كثيرة في المجتمع المحلى والعالمي) وتساندها الأمم المتحدة بكل تشكيلاتها وهيئاتها وقد أدى هذا إلى استيقاظ عقدة التفوق الذكوري لدى الرجل (الشوفينية) فراح يمارس عدوانًا سلبيًا ضد المرأة بأن يكايدها أو يتجاهلها أو يهملها فهبت هي لتؤدبه على كل هذا.
ويضيف الدكتور المهدي الي ان هناك تفسير آخر يرجع الظاهرة إلى حالة التفوق الأنثوى الملحوظة في السنوات الأخيرة، والتي يمكن رصدها على عدة محاور منها على سبيل المثال أكبر عدد من العشرة الأوائل في الثانوية العامة من الفتيات كما يلاحظ بوضوح أن فتاة اليوم اضحت أكثر نضجًا والتزامًا من نظيرها الفتى فهي تحاول أغلب الوقت أن تفعل شيئًا مفيدًا في حين يقضي هو معظم وقته على ال"كوفي شوب" أو "الإنترنت كافيه" يمارس أنشطة ترفيهية.
كذلك فان نسبة حضور المحاضرات والندوات تميل كثيرًا لصالح الإناث وهن أكثر حرصًا على الفهم والمتابعة والاستفسار والاستفادة، إضافة إلى أن شخصية المرأة أصبحت أكثر محورية في حياة أبنائها وبناتها، فهي تعرف كل التفاصيل عن الأسرة واحتياجاتها، أما الرجل فيعيش على هامش الأسرة، فهو يخرج للعمل ثم يعود ليتناول طعامه ثم يقرأ الجريدة أو يشاهد التليفزيون وليس لديه طاقة أو صبر لمتابعة مشكلات الأبناء والبنات.
كما أن المرأة التي يسافر زوجها لفترات طويلة ويترك لها مسئولية البيت بالكامل تكتسب بعد فترة صفات القوة والحزم والصرامة لكي تستطيع الحفاظ على تماسك الأسرة وتسيطر على نزاعات الأبناء ومشكلاتهم، وأما الزوج فيكتفي بدور الممول لهذه الأسرة ويأخذ بالتالي مساحة أقل في وجدان زوجته وأبنائه ويصبح بالتالي أكثر عرضة للهجوم وانتهاك المكانة.
ويشير الخبير النفسي إلى انه من الأسباب القوية أيضًا التي أدت إلى تعاظم الظاهرة الإستقلال الإقتصادي لبعض النساء والذي أعطاهن شعورًا بالندية والمنافسة للرجل فهي تشعر أنها تعمل مثله (وربما أكثر) وتكسب مثله (وربما أكثر).
ولذلك ترفض منه أي وصاية وترفض أن يكون له ميزة أو تفوق عليها كذلك فأنه فى مقابل هذا التفوق الأنثوي الملحوظ نجد تراجعًا (ملحوظًا أيضًا) في دور الرجل يعزوه علماء النفس والاجتماع إلى كثير من الظروف السياسية والاقتصادية والإجتماعية أدت إلى شعور الرجل بالإحباط والقهر فهو أكثر إحساسًا ومعاناة تجاه الاستبداد السياسي والقهر السلطوي وهو أكثر مواجهة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية وأقل تحملاً لها من المرأة.
ولهذا نجد أن شخصية الرجل قد اعتراها الكثير من مظاهر التآكل والضعف والتراجع في حين صمدت المرأة أكثر لهذه الظروف وتكيفت معها وتجاوزت تأثيراتها الضارة بل واستفادت منها في بعض الأحيان.
وحين أحس الرجل بكل هذا (بوعي أو بغير وعي) راح يتعامل مع المجتمع ومع المرأة بطريقة العدوان السلبي فظهرت عليه علامات اللامبالاة والتراخي والصمت السلبي والتجاهل والمكايدة.
اما عن سمات الضرب الأنثوى وفقا لدراسة الخبير النفسي فيختلف فقد يكون حدثا عارضا في لحظة انفعال شديدة تصرفت فيها الزوجة بدافع من القهر الشديد الواقع عليها من زوجها وقد يكون حدثًا متكررًا منذ فترة طويلة وقد يكون سلوكًا معتادًا ومزمنًا في العلاقة بين الزوجين.
كما ان الصورة النمطية للمرأة علي أنها كائن رقيق وأنها الأضعف في علاقتها بالرجل الذي يتفوق عليها على الأقل ماليًا وجسديًا في أغلب الأحيان (وليس كلها) وهذه الصورة ربما تجعل تصور امرأة تضرب زوجها أمرًا مستبعدًا أو على الأقل مستهجنًا أو طريفًا.
ولكن في الواقع حين تتعرض المرأة لحالة من القهر والاستبداد والإهانة والقسوة لمدة طويلة أو حين يمارس زوجها معها ألوان من العدوان السلبي فإنها تتفجر بداخلها قوة انتقام هائلة تمنحها طاقة عدوانية غير متوقعة لأحد وهذه الطاقة لا تمكنها فقط من الضرب ولكن أحيانًا تمكنها من القتل بأبشع الوسائل (تقطيع الزوج وتعبئته فى أكياس).
ويري الدكتور محمد المهدي الي ان ضرب الزوجة لزوجها يكون على الأغلب ضربًا غير مبرح وكأنه فقط تعبير رمزي عن الشعور بالظلم والإهانة وغالبًا ما يكون ذلك بيديها وأحيانا تستخدم المرأة بعض الأسلحة الخفيفة المتاحة لها كالحذاء أو المنفضة أو المقشة أو أي شيء من أدوات المطبخ.
وإذا وصل الشعور بالقهر أو الشعور بالغيرة ذروته فإنها ربما تنتقل إلى استخدام أسلحة ثقيلة وخطرة مثل السكين والساطور.
ومن حسن الحظ أن المرأة العربية حتى الآن لم تتطور أسلحتها فما زالت بعيدة عن استخدام الأسلحة النارية ولكن مع هذا لا أحد يعرف ماذا تخبئه الأيام القادمة.
اما عن أنماط الضرب النسائي فهي كالتالي:
1- ضرب المزاح: بعض الزوجات يملن إلى المزاح باليد مع الزوج ويجدن متعة في ذلك وربما يبادلهن أزواجهن نفس المتعة خاصة أن المزاح باليد (المناغشة) يلغي الحواجز بين الاثنين ويعطى شعورًا بالألفة الزائدة وأحيانًا يحتاجه بعض الأزواج أو تحتاجه بعض الزوجات لتحريك مشاعر أكثر عمقًا وحرارة وقد يكون ذلك تمهيدًا لما هو أعمق.
2-الضرب الدفاعي: وهنا تقوم المرأة بالرد على عدوان زوجها فإذا لطمها على وجهها شعرت بالإهانة فردت له اللطمة مباشرة أو دفعته بعيدًا عنها أو حملت عصا أو سكينًا في مواجهته بهدف وقف عدوانه أو الرد عليه.
والزوجة في هذه الحالة لا تمارس العدوان على زوجها إلا دفاعًا عن نفسها ولكن لا تبدأ هي أبدًا بالعدوان.
3-الضرب الانتقامي: وهو نتيجة قهر مستمر أو استبداد بالرأي أو قسوة زائدة من جانب الزوج أو حالة غيرة شديدة أشعل نارها في قلب زوجته. والزوجة في هذه الحالة لا تستجيب مباشرة وإنما تتحمل وتتحمل حتى يتراكم بداخلها مخزون كبير من العدوان والرغبة في الانتقام والقصاص إلى أن تحين ا للحظة التي تبلغ فيها هذه المشاعر ذروتها فينطلق العدوان من داخل المرأة كالطوفان أو الإعصار المدمر وهنا يأخذ العدوان صورا شديدة القسوة وغير متوقعة من المرأة.
4- ضرب الزوجة السادية للزوج الماسوشى: حيث تكون الزوجة ذات صفات سادية فتستمتع بضرب زوجها وإهانته وغالبًا ما يكون الزوج لديه سمات ماسوشية فيستمتع بهذا الضرب (على الرغم من شكواه الظاهرية من ذلك).
وفى هذا النموذج نجد أن سلوك ضرب الزوج شيء متكرر في العلاقة الزوجية ومع هذا تستمر العلاقة لأن الطرفين في الحقيقة يستمتعان بذلك (أيضًا على الرغم من شكواهما الظاهرية).
5- ضرب الزوجة المسترجلة للزوج السلبي الإعتمادي: وهي درجة أقل من السابقة فالمرأة هنا أكثر قوة وأكثر سيطرة والرجل ضعيف وسلبي ومنسحب وبالتالي تجد المرأة أنها تملك دفة القيادة وبالتالي تملك التوجيه والإصلاح لأي اعوجاج في البيت بما فيه اعوجاج الزوج فإذا حدث منه خطأ فهي لا تجد غضاضة في أن تقومه وتربيه وهو يتقبل ذلك أو لا يتقبله ولكنه لا يستطيع الاستغناء عنها وعن حمايتها له ولهذا يتكرر سلوك الضرب من الزوجة لزوجها دون حدوث انفصال أو طلاق لأن العلاقة هنا تحمل مصالح متبادلة واحتياجات متوازنة رغم أنها غير مقبولة اجتماعيًا وهذا ما يسمى "سوء التوافق المحسوب".
وأحيانًا يكون استرجال المرأة طبيعة فطرية فيها وأحيانًا أخرى يكون مكتسبًا بسبب إهمال الرجل لمسئولياته وتحليه بصفات السلبية والإعتمادية مما يجعل الزوجة تتحمل مسئولية الأسرة بالكامل وشيئًا فشيئًا تكتسب صفات القوة والخشونة لكي تحافظ على استقرار الأسرة فالإسترجال في هذه الحالة ليس صفة أساسية فيها ولكنه من صنع الرجل لذلك يجنى ثماره المرة والمشكلة في هذا النمط وسابقه ليست في التأثير النفسي للضرب على الزوج (فهو في الحقيقة متقبل ذلك برضا أو عدم رضا) ولكن المشكلة هي في تأثير ذلك على صورة الأب أمام أبنائه وأيضًا في صورة الأم لأن هذا يؤدى إلى صور تربوية مشوهة ومعكوسة تنطبع في أذهان الأبناء والبنات فتؤدى إلى مشاكل جمة في علاقاتهم الحالية والمستقبلية لأنهم لم يعرفوا النموذج السوي في العلاقة بين الرجل والمرأة .
6- ضرب المرأة المريضة نفسيا: وهذه حالة خاصة تكون مدفوعة بأفكار ومشاعر مرضية تدفع المرأة لضرب زوجها (أو غيره) ويحدث هذا في حالات الفصام أو الهوس أو الإدمان أو اضطراب الشخصية.
ويختتم الخبير النفسي دراسته حول طرق الحل لانهاء تلك الظاهرة او ترويضها من خلال قيام المجتمع باعادة ترتيب أحواله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية بما يكفل إعادة التوازن والسلام وإلى أن يحدث ذلك ندعو الرجال "المضروبين" بالصبر والسلوان وندعو على الزوجات "الضاربات" بالهداية ولا عزاء للرجال .